بدر جاسم …
الخطر الذي أحدق بالعراق، والذي راح يطوي مدينة تلو الأخرى، ومجزرة تكريت، ومحاصرة قرى وسبي أخرى، مع تراجع حكومي كبير، كل هذا واكثر جعل المرجعية الدينية العليا، المتمثلة بالسيد السيستاني (دام ظله) من أن تصدر فتوى الجهاد الكفائي، والتي تمثل نداء “هل من ناصر ينصرنا” الذي اطلقه من نفس المكان الإمام الحسين (عليه السلام)
إن الاستجابة من أبناء المواكب الحسينية لهذه الفتوى، والدعم الكبير من الجمهورية الإسلامية التي قدمت خيرة جنرالاتها، قد قلبت المعادلة، وغيرت مجرى الأحداث، وفاجأت الأنظمة الاستكبارية، فمن كان يقول القضاء على داعش يحتاج إلى ٣٠ سنة؛ قد اخرسه الحشد الشعبي والقوات الأمنية اللذين أنهيا داعش ب٣ سنوات، وأعلنوا النصر عليه!
إن التحديات التي كانت تقف بوجه الفتوى عند إصدارها، تختلف عن تحديات الوقت الحاضر، حيث أظهرت المرجعية أن مكمن قوتها هو بقوتها الجماهيرية، واستقلاليتها التامة، وتمثيلها للطائفة الشيعية، واحترامها من قبل المكونات الأخرى، والذي اخفته طويلاً عن أعدائها، فقد صوب عليها العدو الكثير من السهام، من أجل إضعافها، وتفتيت قوتها الجماهيرية، ولذا شن العدو حرباً فكرية، تهدف إلى تمييع الثقافة الإسلامية، وانتزاع فكر المقاومة من بيئته.
إن أهم التحديات هو الحفاظ على بقاء روافد الحشد الشعبي جارية، مليئة بالطاقة ومستعدة لأداء واجبها الشرعي، أمام كل التهديدات التي تواجه البلد، لذا علينا الحفاظ على تلك الروافد وأهم تلك الروافد هم الشباب، الذين لا بد من بنائهم عقائدياً، لتتكسر تحت أقدامهم كل الأفكار المنحرفة، والدعايات المغرضة، وهذا يتطلب وضع الشباب في سلم الأولويات، وتوفير كل ما يحافظ عليهم.
إن الاهتمام بالشهداء وتصديرهم كأيقونات للمجتمع، وكنماذج تقتدي بها الأجيال؛ يتطلب تعريف المجتمع بهم، من خلال توثيق حياتهم بالكتابة عنها، وعمل نُصبٍ تذكارية، وعمل أفلام ومسلسلات عنهم وعن بطولاتهم، لأنهم عاشوا تحت غطاء التواضع والتحفظ الأمني عندما كانوا في هذه الحياة، كذلك الاهتمام بعوائلهم، واحتضان أبنائهم ليكونوا الجيل الصاعد، الذي يقف في كل سوح الجهاد، سواء العلمية منها أم الاقتصادية أَم السياسية، علاوة على الجبهة العسكرية.
ما نشاهده في الوقت الحاضر، أن هناك جهود تبذل وأموال تنفق، من أجل تذويب الحجر الأساس الذي تستند عليه فتوى الجهاد الكفائي، ألا وهو تمييع ثقافتنا الإسلامية، وتسقيط رموز جهادنا بالاستهزاء، وبالكذب والتلفيق ، لذلك أدعوا كل من له إهتمام بهذا الأمر، أن يأخذ موقعه في الدفاع عن ثقافتنا وعن بلدنا، لأنه بكل الأحوال قد كتب الله تعالى، أن تقام دولة العدل الالهي على يد الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) وأن عاصمة تلك الدولة هي العراق، لذا علينا واجب مضاعف، وأن لا ننتظر إمامنا انتظار الكسالى، فالانتظار يعني الاستعداد والتهيؤ، وأن علينا واجباً ومهمة لا بد من القيام بها، وإلا اُنيطت لآخرين وذلك هو الخسران المبين.
ما نشاهده اليوم من صراعات دولية، ومن استبسال فصائل المقاومة في قتال العدو الإسرائيلي، إضافة إلى بيان وهن العدو، والتراجع الكبير في سمعته العالمية، قد ترسم لنا صوراً من عصر الظهور، وهذا يضعنا أمام استحقاق تاريخي لا بد من دفع ثمنه، حتى نكون خير عون وأفضل الممهدين للإمام المنتظر.
إن فتوى الجهاد الكفائي هي قفزة كبيرة في عالم التمهيد المبارك، فعلينا أن نحافظ على هذه الفتوى التي ما زالت مستمرة، وأن نكون لها سوراً منيعاً ضد كل من يريد إضعاف قواعد الفتوى المباركة.